بقلم رقيق يونس…
الرباط، في 06 مارس 2024
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
‘’إنصاف النساء مدخل لبناء الدولة الاجتماعية’’
تخلد نساء المغرب اليوم الأممي للمرأة وسط ترقب لما ستسفر عنه أشغال اللجنة المكلفة بإصلاح مدونة الأسرة، وفي سياق وطني مطبوع باستمرار أشكال من التمييز القائم على النوع الاجتماعي، والتي تغذيها مظاهر الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، رغم ترصيد مجموعة من المكتسبات، وفي سياق عالمي يتميز بعودة النزاعات المسلحة، بتفشي صور من الوحشية المرافقة للحروب، والتي تكون النساء و الفتيات في مقدمة ضحاياها، كما يقع في قطاع غزة موازاة مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
إن “منظمة النساء الاتحاديات” و”منتدى المناصفة والمساواة ” قررا تخليد هذا اليوم الأممي بشكل مشترك، تفعيلا للتنسيق المستأنف بين حزبي “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية “وحزب “التقدم والاشتراكية” من جهة و تفعيلا لآليات العمل المشترك و التنسيق بين مكونات الحركة النسائية و الديمقراطية المغربية، لمواجهة التحديات التي تواجه المطالب المشروعة لنساء المغرب، في أفق المساواة الشاملة والمناصفة كما نص على ذلك دستور البلاد.
وتعتبر منظمة النساء الاتحاديات ومنتدى المناصفة والمساواة أن النهوض بأوضاع النساء، وإقرار سياسات حمائية وعادلة لهن، وملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصا الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، والبروتوكولات الاختيارية المرفقة بها، هي مداخل أساسية على طريق بناء الدولة الاجتماعية القوية والمتضامنة على أساس مشروع مجتمعي ديموقراطي حداثي تنويري، منفتح على العصر، ومتشبث بعناصر الهوية المغربية بروافدها المتعددة.
وإن هذا الأفق التحديثي رهين بمساهمة القوى الديموقراطية والتقدمية، باعتبارها الحامل التاريخي لمطالب الدمقرطة والمساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية والمساواة الشاملة.
وتقدر المنظمتان عاليا الحرص الشديد لجلالة الملك لإقرار و تنزيل الحقوق الانسانية للمرأة، والذي تعبر عنه الخطابات الملكية المتواترة، التي لا تفصل بين نهضة الأمة المغربية وتقدمها، وبين إنصاف النساء والتمكين لهن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكذلك لمجمل القرارات الملكية المنتصرة لمطالب الحركة النسائية المشروعة، والتي تولي اهتماما لأوضاع النساء الاجتماعية خصوصا في العالم القروي والمناطق الصعبة.
إن منظمة النساء الاتحاديات ومنتدى المساواة والمناصفة يتطلعان إلى أن تعكس النسخة النهائية للإصلاحات المرتقبة لنص مدونة الأسرة الاستجابة لمطالب النساء، بما يجعل الأسرة المغربية الخلية الأساس للارتقاء بالأنساق المجتمعية نحو رحابة أفق المساواة الشاملة، وهو الأفق المنشود من أجل تنمية حقيقية مستديمة على قاعدة رفع كافة أشكال التمييز التي تعطل إمكانات مساهمة النساء بفاعلية أكبر في تقدم المجتمع.
وفي الآن نفسه فإن المنظمتان تعبران عن قلقهما من عودة بعض الأصوات التي تخفي معاداتها لحقوق النساء، بالإعلاء من الادعاءات المزعومة بالدفاع عن المشترك الديني، والذي ننبه إلى خطورة توظيفه في الصراعات السياسية، كما نذكر بأنه من المجالات المحفوظة للملك باعتباره أميرا للمؤمنين، والذي بهذه الصفة هو المؤتمن على حفظ مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وفق التدين المغربي الثري المتسم بالاعتدال والنظر في النوازل والمستجدات بمنظار التيسير ومراعاة المصلحة العامة.
وبمناسبة اليوم الأممي للنساء، والمقترن في الذاكرة الجمعية للحركات النسائية بانتفاضة النساء ضد القوانين التمييزية على مستوى شروط العمل، قبل أن تتحول إلى مطالبات سياسية وثقافية واجتماعية على أرضية الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، فإن منظمة النساء الاتحاديات ومنتدى المساواة والمناصفة يعيدان التذكير بأن انتقال طموح الدولة الاجتماعية من الممكن إلى الإمكان يمر حتما عبر مسارات كثيرة، ومنها مسار إنصاف النساء، وتحرير طاقاتهن، والاهتمام بحقوق النساء وخاصة في العالم القروي والمناطق المعزولة، وإقرار القوانين المراعية لمقاربة النوع الاجتماعي، بما يضع حدا لكافة أشكال التمييز ضد النساء.
وعليه، فإن منظمة النساء الاتحاديات ومنتدى المناصفة والمساواة يعلنان ما يلي:
1/ تقديرهما للخطابات والسياسات الملكية الداعمة للنهوض بأوضاع النساء، والانحياز لحقوقهن بمستوياتها المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
2/ مواصلة ترافعهما ودفاعهما عن إقرار إصلاح لمدونة الأسرة يستجيب لمطالب الحركة النسائية الوطنية، على قاعدة التوازن والمساواة والإنصاف، ومراعاة المصلحة الفضلى للأبناء.
3/ دعوتها لإصلاحات تطول المدونات القانونية بما يجعلها متلائمة مع روح الدستور ونصه، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات التي صادقت عليها بلادنا، خصوصا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، والبروتوكولات الاختيارية الملحقة بها.
4/ مطالبتهما بإعمال مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات العمومية، ورفع كافة العراقيل التي تقلص من مساحات مساهمة النساء في الشأن العام.
5/ تنبيههما إلى آثار الوضع الاجتماعي المتسم بارتفاع تكلفة المعيشة، وانخفاض الدخل الفردي، واستمرار فقدان مناصب الشغل، على أوضاع النساء، باعتبار ارتفاع نسبة النساء المعيلات لأسرهن.
6/ مطالبتهما بالاهتمام بأوضاع النساء في وضعية هشاشة، أو النساء في المناطق الصعبة، وتخصان بالذكر نساء الجبل، والنساء في المناطق المعرضة للكوارث الطبيعية، وتعيدان التذكير بوضع نساء الحوز وسائر المناطق التي تعرضت للزلزال الأخير.
7/ تنديدهما بكل الحملات الصادرة عن بعض تعبيرات الإسلام السياسي، والتي توظف المشترك الديني بين سائر المغاربة لترويج خطابات معادية للنساء، بمناسبة اقتراب اللجنة المكلفة بإصلاح المدونة من إنهاء مهامها، وتعتبرها محاولات تشويش على الورش الملكي الداعي لإصلاح المدونة، ومحاولة لإعادة أجواء الاستقطاب التي رافقت إصلاح مدونة الأحوال سابقا، مما يهدد بإحياء نعرات التكفير المرفوضة.
8/ تثمينها للنجاحات النسائية المتواترة على مستويات الثقافة، والتعليم، والسياسة، والاقتصاد، والعمل المدني، والاقتصاد التضامني، والرياضة، والفن، مما يؤشر على تقدم الوعي النسائي بأولوية التمكين للنساء في مختلف مجالات الفعل والتأثير والتدبير.
9/ تضامنهما مع كل النساء ضحايا الاعتداءات الجنسية، والتحرش في مقرات العمل، والتمييز في سوق الشغل على أساس النوع الاجتماعي، وضحايا الطرد التعسفي وشروط العمل القاسية، كما تترحمان على كل النساء الذين توفوا في حوادث الشغل، وتدعوان إلى حماية النساء في مقرات العمل.
10/ تجددان تضامنهما مع النساء الفلسطينيات في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتستنكران ضعف التدخل الأممي لحمايتهن، وتدعوان لوقف الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة وتسهيل عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
1/1