بقلم يونس رقع…
**تبوريدة: تراث حي في صخور الرحامنة**
تعد “التبوريدة” أحد أعرق الفنون التقليدية المغربية التي تعكس روح الفروسية والشجاعة والاعتزاز بالتراث المغربي الأصيل. تتجلى هذه الفنون في أبهى حلة بصخور الرحامنة، حيث تحتفظ المنطقة بتراثها العريق وتعمل على إحيائه ونقله من جيل إلى جيل.
**الصخور الرحامنة: موطن الفروسية والشجاعة**
تعتبر منطقة صخور الرحامنة من أهم المناطق التي تحافظ على تراث التبوريدة، حيث تنظم بشكل دوري مواسم ومهرجانات تستقطب العديد من الزوار والمشاركين من مختلف مناطق المغرب. ولا يقتصر الأمر على العرض البصري الرائع فقط، بل يمتد إلى عمق الروابط الاجتماعية والثقافية التي توحد سكان المنطقة.
تجتمع القبائل في صخور الرحامنة للمشاركة في “التبوريدة”، التي تعد أكثر من مجرد عرض للفروسية، فهي تمثل قصة من قصص البطولات والشجاعة التي عاشها الأجداد. وتتضمن التبوريدة استعراضًا للفروسية يمتزج فيه الحماس بالحركات الجماعية المتناسقة التي يقوم بها الفرسان وهم يمتطون جيادهم ويرتدون أزياء تقليدية.
**التجهيزات والاستعدادات للموسم**
قبل حلول موسم التبوريدة، يبدأ الاستعداد بشكل مكثف من قبل الفِرق المشاركة، حيث يتم تدريب الخيول وتحضيرها للعرض، كما يقوم الفرسان بإعداد أزيائهم التقليدية التي تعكس تراث المنطقة وتعزز من جمالية العروض. الأزياء التقليدية تتضمن الجلباب والقفطان المطرز، بالإضافة إلى السلاح التقليدي “المكحلة” الذي يُستخدم في إطلاق البارود.
**الطقوس والعروض**
تبدأ عروض التبوريدة بصخور الرحامنة بعروض تمهيدية تستعرض فيها الخيول مهاراتها وسرعتها، ويتبعها استعراض رئيسي يُظهر فيه الفرسان مهاراتهم في التنسيق والسرعة أثناء الركض الجماعي، الذي ينتهي بإطلاق طلقة بارود متزامنة تعكس دقة الفرسان وتنسيقهم العالي. هذه اللحظة تمثل ذروة العرض وتحبس أنفاس الجماهير التي تحتشد لمشاهدة هذا الفن التراثي الرائع.
**التبوريدة: أكثر من مجرد عرض**
لا تقتصر أهمية التبوريدة في صخور الرحامنة على الجانب الترفيهي فقط، بل تحمل معاني أعمق تتمثل في تعزيز قيم الشجاعة، والنخوة، والاعتزاز بالهوية المغربية. كما أنها تمثل فرصة للتعارف وتوطيد العلاقات بين القبائل المختلفة، وتفتح المجال أمام الأجيال الصاعدة لتعلم هذا الفن الأصيل والمحافظة عليه.
كما أن التبوريدة تسهم في دعم السياحة المحلية، حيث يتوافد السياح من مختلف مناطق المغرب والعالم لمشاهدة هذه العروض، والتعرف على الثقافة المغربية عن قرب، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي للمنطقة.
**خاتمة**
تظل التبوريدة بصخور الرحامنة رمزًا للتراث المغربي الأصيل، وفنًا يعكس الهوية والثقافة المغربية بكل تفاصيلها. إنها ليست مجرد عرض للفروسية، بل هي قصة تروى عبر الأجيال، وصرح تراثي يستحق المحافظة عليه وصونه للأجيال القادمة. التبوريدة، بصخور الرحامنة، ليست مجرد موروث، بل هي حياة نابضة بالشجاعة والكرامة المغربية.بقلم رضوان التهامي